ولله الحمد تلقيت خبر الحصول على أعلى جائزة علمية في الدولة وهي جائزة الإنتاج العلمي (جائزة الشيخ جابر الأحمد للباحثين الشباب) المقدمة من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي على أبحاثنا في مجال الطب والعلوم الطبية. أتقدم بالشكر لفريقنا البحثي وزملائي في كلية الطب بجامعة الكويت و

RT @Dhamer_Alommah: في واقعة إستشهاد الإمام.الحسين بن علي - عليه السلام -.ريحانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، تجلّت أسمى معاني العدالة….

كرامة الإنسان لا تُساوم ولا تُباع ولا تُشترى. العدالة مبدأ مقدس يستحق أن نضحي من أجله بكل ما نملك. هذا ما علمنا إياه الحسين، وهذا ما نحتاج إلى تعليمه لأجيالنا القادمة، ليس كتاريخ فقط، بل كمنهج حياة ودستور أخلاقي يضيء لنا الطريق في ظلمات العصر وتحدياته المعقدة.

حتى في المجال الاقتصادي، تترك تعاليم كربلاء أثرها في تقوية قيم العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والاستغلال. عندما نتذكر كيف رفض الحسين أن يبايع نظاماً فاسداً، نتعلم أن من واجبنا رفض المشاركة في أي نشاط اقتصادي أو اجتماعي يقوم على الظلم أو الاستغلال.

في الحياة السياسية، يكتسب إحياء عاشوراء أهمية خاصة كأداة لتربية الوعي السياسي الصحيح. يتعلم الحكام من قصة يزيد عاقبة الظلم والاستبداد، ويتذكرون أن الشعوب لا تقبل الظلم إلى الأبد، وأن العدالة مطلب أساسي لا يمكن تجاهله طويلاً.

في المجتمع الأوسع، تتقوى الروابط الاجتماعية من خلال المشاركة في إحياء هذه المناسبة، ويتذكر الناس قيمهم ومبادئهم المشتركة التي توحدهم رغم اختلاف مستوياتهم. المجالس الحسينية تصبح مدارس شعبية للأخلاق والتربية الروحية، حيث يتعلم الناس ويتذكرون ويتواصون بالحق والصبر.

الطفل الذي يكبر وهو يسمع قصة العباس وإيثاره وتضحيته، وقصة علي الأكبر وشجاعته، وقصة السيدة زينب وصبرها، ينشأ وفي قلبه وعقله نماذج راقية للسلوك الإنساني النبيل.

إحياء عاشوراء ليس مجرد طقوس موسمية أو تقاليد اجتماعية، بل منهج تربوي متكامل ومتعدد الأبعاد يؤثر على كافة جوانب الحياة الفردية والجماعية. في نطاق الأسرة، تصبح قصصها وسيلة تربوية لا تُضاهى لتعليم الأطفال قيم البطولة والتضحية والصدق والإخلاص، ولتربيتهم على مبادئ العدالة والكرامة.

مدرسة في التضحية الحقيقية التي تعلمنا أن نقدم الغالي والنفيس من أجل المبدأ والقيم العليا، دون انتظار مقابل أو أجر أو حتى تقدير من الآخرين. مدرسة في الكرامة الإنسانية التي تعلمنا أن نرفض الذل والهوان مهما كان الثمن، وأن كرامة الإنسان أغلى من حياته نفسها.

كربلاء تحمل دروساً أخلاقية وروحية لا تُستنفد مهما طال الزمن أو تغيرت الظروف. هي مدرسة في الشجاعة الأخلاقية التي تعلمنا أن نقف مع الحق حتى لو كنا وحيدين في ميدان مليء بالأعداء، وأن قوة الموقف الأخلاقي لا تُقاس بعدد المؤيدين أو حجم القوة المادية.

يذكرنا بالحقيقة المرة لكن الضرورية أن الصمت على الظلم شراكة فيه، وأن الحياد في مواجهة الطغيان انحياز للطاغية. عندما نقول “لعن الله فلان” فإننا في الحقيقة نقول “لعن الله الظلم والطغيان” بكل تجلياته في كل عصر ومكان. هذا اللعن يصبح موقفاً واضحاً من كل من يحمل روح الطاغية في عصرنا. .

البغض المبدئي لقتلة الحسين ضروري وحيوي لأنه يحصننا ضد الانزلاق نحو نفس القيم المدمرة، ويجعلنا نتعرف على هذه القيم والمبادئ المنحرفة عندما تظهر في عصرنا تحت أسماء ومسميات جديدة. يربي فينا الحس النقدي الضروري تجاه الطغيان.

المودة في القربى تتجسد أيضاً في الحفاظ على ذكراهم وتخليد سيرتهم ونقلها للأجيال الجديدة، حتى لا تضيع أو تُحرف أو تُنسى. هذا الحفظ ليس مجرد واجب تاريخي، بل ضرورة روحية وأخلاقية لبقاء الأمة متصلة بجذورها الأصيلة ومبادئها الثابتة.

يعني أيضاً تطبيق تعاليمهم ومبادئهم في حياتنا العملية اليومية، والدفاع عن القيم العليا التي استشهدوا من أجلها في مواجهة قوى الطغيان والفساد في كل عصر.

إحياء ذكرى أهل البيت وسيرتهم العطرة يأتي كجزء جوهري من هذه المودة المطلوبة قرآنياً. وهذا الإحياء لا يعني أبداً تأليههم أو المغالاة فيهم أو رفعهم فوق منزلة البشر، بل يعني التعلم من نماذجهم الأخلاقية الرفيعة والاستفادة من تجاربهم الروحية العميقة في بناء شخصياتنا وتهذيب نفوسنا.

القرآن الكريم واضح وصريح في موضوع حب محمد وآله دون أي التباس أو غموض، فالآية الكريمة “قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ”تجعل مودة أهل البيت أجر الرسالة المحمدية. وليس مجرد استحباب أو سنة مستحبة. هذا يعني أن محبة آل البيت وإحياء ذكراهم واجب.

إحياء عاشوراء يشحذ الحس النقدي لدينا تجاه السلطة والحكم، ويعلمنا ألا نقبل بالظلم أو نستسلم له مهما بدا قوياً أو مهيمناً. يذكرنا بأن الطاغية، مهما امتلك من قوة وجيوش، يبقى ضعيفاً أمام قوة الحق والمبدأ. هذا الدرس حيوي في عصر تهيمن فيه قوى الاستكبار العالمي.

هذا التشابه ليس مجرد صدفة تاريخية، بل يؤكد أن القيم والمبادئ التي استشهد من أجلها الحسين ما زالت حية ومطلوبة وضرورية في عصرنا الراهن.

عاشوراء هي البوصلة الأخلاقية الدقيقة لفهم هذه الصراعات وتحديد موقفنا منها. عندما نرى اليوم طفلاً فلسطينياً يُقتل بدم بارد في غزة، نتذكر فوراً الطفل علي الأصغر في كربلاء، وعندما نرى شعباً محاصراً ومحروماً من أبسط حقوقه في الحياة والكرامة، نتذكر حصار كربلاء وعطش آل البيت.

الفئة الضالة التي قتلت الحسين موجودة في كل زمان بصور مختلفة تكشف عن الحكمة العميقة وراء إحياء عاشوراء. اليوم نشهد نماذج معاصرة صارخة من الظلم والطغيان، من نتنياهو وحكومته التي تمارس القتل المنهجي والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين، إلى أنظمة استبدادية أخرى حول العالم. .

الوضوح الاستثنائي في طبيعة الصراع جعل كربلاء رمزاً خالداً للصراع بين الحق والباطل. لم تكن هناك مناطق رمادية أو التباسات سياسية معقدة، بل كان الخط واضحاً تماماً بين العدالة والظلم، بين الكرامة والذل، بين المبدأ والمصلحة. هذا الوضوح جعل كربلاء مدرسة أخلاقية لا تشيخ عبر الزمن. .