من قصائد الرثاء اللي تستشعر العاطفة، وأثرت فيني كل ما أسمعها قصيدة الشاعر ناصر القحطاني بـ والدته رحمها الله بدايةً من رحلة مرضها الى لحظة أحتضارها حتى دفنها أسترجع بذاكرته سيرة حياتها بقصيدة..
بسردها لكم تحت هالتغريدة:
و عيني اللي تفلّت دمعها و انتثر
ولا طلع بايدها تردع مفاليتها
و صدري اللي به النيران ترمي شرر
و مقوّسات الضلوع اعواد كبريتها
و عمري اللي زمنه الجاي ضايع هدر
ولا بقى فرصةٍ .. محظور تفويتها
و عصر قلبي من الفرقا مثل ما انعصر
زيتونة توقد المشكاة .. من زيتها
العاصفة في السماء و اعصارها في البحر
و الارض زلزالها .. يوحي بتفتيتها
كنّي على فوهة بركانها المنّصهر
و من الهلع ما قوت رجلي تثابيتها
مال الدهر و المصيبة يوم مال الدهر
جاب المطمّه .. وبرّكني و شلّيتها
الذابحة للصدر و القاصمة للظهر
بـ أقصى خفوقي مضاربها و تشويتها
تداعت اعضاي بالحمى و طول السهر
و أشد من موتها .. مشوار تمويتها
ماهي بليلة عمر .. ليلة نهاية عمر
استغفر الله كذا بالضبط حسيتها
نفس الخميس اللي فجعني بـ ابوي الفجر
خذا امي بساعةٍ .. مالي بتوقيتها
يوم المرض زاد ناشدت القضاء و القدر
باللي لها مصخي روحي ولا اصخيتها
كم هقوةٍ كنت اطاردها اكثر من الشهر
و دموع جنّب السرير الابيض اخفيتها
حتى بدا الضغط ينزل باتجاه الصفر
دارت بي الارض .. و اهتزّت ثوابيتها
بغى يخلّص علي رمح تمثنى النحر
لو ما تماسكت و الطيحة تحاشيتها
لفّوا كفنها و انا ما اشوف قبل الظهر
و النفس من ذعرها .. ما عاد هديتها
عُمر الصلوات ما كانت تجيب الذعر
الا صلاةًورا الجثمان .. صلّيتها
حملتها فوق متّني و الأمرّ .. الأمّر
وردّتها الحفرة اللي .. ما تمنيتها
و اقبّل اقدامها حتى و هي بالقبر
ما ودي احطها جوفه و حطّيتها
هالوا عليها التراب مدورين الاجر
و اخذت لي حفنةً معهم و ردّيتها
واقفيت كنّ الخفوق يقول يا للقهر
يا قبر .. الا واهنيك يوم ضمّيتها
اودعتها فيك الا يا مال طيب المقر
بعيد عن عيني .. اول ليلة تبيتها
في غرفة كبرها حول المتر في متر
تنقص لمتعوسها .. و تزيد لبخيتها
الله يفسح لها في القبر مدّ النظر
وعند السؤال اسأله و ارجيه تثبيتها
وقّفت ابي رقمه و قالوا يا مال المطر
سبعة وعشرين و الاجداث ما احصيتها
قلت آه .. ما كنّه الا رقم ليلة قدر
حتى بـ هذي ظنون الخير ظنّيتها
رحت اتعزز وكني قابض لي جمر
و اركي على الكبد صبرتها وحلتيتها
عقارب الساعه اوقفها عظيم الامر
يا ليتها للوراء ... تنعاد يا ليتها
ريح المنون اسرعت لا تبقي ولا تذر
ريح المنون اقبلت .. تحمل توابيتها
ريح المنون اخطفت من فوقي اعلى الشجر
في وادي غير ذي زرع .. استظلّيتها
من عاد اببكي عليه و خاطري يحتسر
ان كان ما ابكي على امي يوم واريتها
اللحدّ والف جسدها ولفّ حوض وزهر
و انا ولفت النصايب .. كثر ما جيتها
و لّيت وجهي شطر ما فيه غيره شطر
و الارض ضاقت بما رحبت سباريتها
زمان احدث و امثل بالصبر في العسر
و اليوم الامثال وقت الجدّ ما ازريتها
و امي على مثلها تبكي عيون البشر
قولوا للاعيان ما هو يوم تسكيتها
لا والله الا تفيض و غيثها ينهمر
لا تذخر دموعها حتى فتافيتها
المسرفة في الحيا و الباذخه في الستر
كم غيّبت صوتها و استوحش صويتها
ما كنّها الا تقول الصمت له خير اثر
قد قالوا افواه .. خلق الله حوانيتها
عزّاني الخير فيها يوم جاه الخبر
يقول ياما سنين طوال خاويتها
لين اتعبتني و خلّتني سواة النهر
اصبّ في كل بيت و منبعي بيتها
بين النقا و الرضا و المنفعة و اليسر
والنافلة .. و الطهارة .. ذايع صيتها
و الفجر و الشفع و الوتر و ليال عشر
و الفاتحة و التحيّات و مواقيتها
اللي توّزع حلاوى العيد باطهر ثغر
راحت و الأعياد مرّت ما تحلويتها
راحت منيرة و طاريها الى من عبر
كل الشبابيك .. للاوجاع فكّيتها
راحت منيرة و راح من الدروب السفر
حتى مصابيح الابراج .. انطفى ليتها
شوراع المدن ما فيها ياكود الضجر
و اراضي البر .. ما تاسع كواشيتها
هذي السنه شكلها من دون فطر و نحر
هذي السنه .. لو تعدت ما تعدّيتها
انا اللي الليلة الظلما افتقدت البدر
و الخيل غارت .. و لكن ما تلقّيتها
يا كثر ما كان في عيني كبير و صغر
و اخر خبر فرحتي في كف عفريتها
اثر النعم ما تدوم و لو بحمد و شكر
من مدّها بالعمر .. صيورة يميتها
قميص يوسف على يعقوب ردّ البصر
و انا وش يرد روحي .. عقب ما اغديتها ؟
في داخلي صرخة كنّيتها في الصدر
يمكن لو اطلقتها و الغيت تصميتها
حسّت شواطي الخليج بحرها من قطر
لاعماق بحرينها .. و لحايط كويتها
و بلاد زايد من الظفره لمينا صقر
و عمان من حدّ مسقطها لثمريتها
امثال ما خلّد الرومان قوس النصر
خلدّت حزن ملا الدنيا وملّيتها
حزن يليق بوادع امي ولا له كثر
مبيضة منه عيني قد ما ابكيتها
بنت المروّات واخت الطيب وام الفخر
من شجرة بارك الله .. في منابيتها
الموت اخذ بعد ابوها زوجها واستمر
و اخذ شقيقينها وازداد تشتيتها
لو ما استعانت على فقدانهم بالصبر
كان منحت فرصة النصر لشماميتها
خنساء ذرف دمعها لمعاويه و لصخر
لكنّها .. وقفت تكبح تناهيتها
ومضت توّصي ولدها للعلا والظفر
و ان صوتّت له صهل واطغاه تصويتها
نبتٍ ثلاثين عام تحنّه من الضرر
كانت هي امه وابوه وطاب تنبيتها
من وهني ومن فصالي في سنين الصغر
حتى ظهر شيبي .. ولا والله اوفيتها
و الرجل يبقى طفل و ان ماتت امه كبر
و انا اسرع اللي كبروا من يوم خلّيتها
من وين ما امشي وصورتها تزيح الصور
ما كنّي الا بوسط العين .. خبيتها
كن العزاء له سرادق في جميع الدير
و الكبد ما ذاقت السلوان و اضميتها
موراده دونها ضيق النفس والكدر
و مقضّبه والدليله ما ورد هيتها
تعصف بي الذكريات بكل ركن و شبر
و أشعر بغصة الى حنّيت غصّيتها
و اسجّ و ازهم على جوالها و انتظر
وارد واصحى على انفاسي وتنهيتها
مكسور خاطر وكنّ الخاطر المنكسر
كفوف طفل .. خذوا منها بساكيتها
اذكر جسدها بعد ما اعياه وخز الابر
و اذكر عقاقيرها اللي شبه صميتها
واحفظ لكرسيها المتحرّك اعلى قدر
اسميتها العرش والسلطانه اسميتها
سوزيت في الحوش يا ما درّجته العصر
واليوم ماتت .. وبار بكف سوزيتها
متغيّر البيت حتى الجدر غير الجدر
ياما تنشدّت غرفتها .. و ناجيتها
وان شفت الالوان ما ودي بشوف الحمر
يوم اتذكّر ستايرها .. وموكيتها
حتى نباتاتها من ساسها للثمر
استنكرتني مع اني جيت واسقيتها
و اوراق نعناعها و العطرة ام العطر
حاولت اعيد الحياة لها ولا احييتها
هناك للمشط ذكرى مع بياض الشعر
و هناك مذياعها من اقرب مباخيتها
و هناك يا ما حكينا في الدير و السير
و هناك .. كم زفرة همّت بتكبيتها
و هناك قصّت لي احسن سورة من السور
لاعظم سجين .. جلب للعين تبييتها
اللي راى احدى عشر كوكب وشمس وقمر
حتى عليه اخوته .. سلّت مصاليتها
والجب والذيب والسجن وعزيزة مصر
اللي بغت كيدها يفلح يابلفيتها
وهناك وهناك وهناك العبر والعبر
من افخم الذكريات الى حتاحيتها
يبني لها الله في جنة نعيمه قصر
و بدانيات القطوف يطيب تقويتها
في ظلّ واستبرق وسندس وطلح وسدر
واكواب اشهى من الدنيا وشربيتها
ويجمعني الله بها متقابلين بسرر
واشرح لها ايام عمري كيف قضيتها
لوعاتي اشدّ من لوعة قصيدة شعر
واضمن من مرات للي يضمن كميتها
انا عليها المساء والصبح قلبي خضر
وأكنّ لي عبرةٍ .. ما عاد كنّيتها
هتفت للمستجيب القادر المُقتدر
يا محيي بأسمك الأرواح ومميتها
عليك يا جابر العثرات جبر الكسر
عليك يا كاشف همومي تشاتيتها
ربي على وصلها هو عاد باقي جسر
لجّيت لك يا وكيل الخلق و مقيتها
ذبحني الشوق يا رباه وين المفر
بعض العرب حيّها ميت على ميتها
وان كانك ابقيت في الدنيا لها اطيب ذكر
واعمالها الصالحة .. في البرزخ ابقيتها
يا رب ، عجّل بيوم الغاشيه والحشر
مشتاق لأمي .. و ضمّتها تباطيتها